منتديات ستار تازا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ذكرمن مات بالعشق2

اذهب الى الأسفل

ذكرمن مات بالعشق2 Empty ذكرمن مات بالعشق2

مُساهمة  Admin الخميس يوليو 24, 2008 1:12 pm

ومن ذلك، ما حكاه الثوري، قال: حدثني جبلة بن الأسود وما رأيت شيخاً أصبح ولا أوضح منه قال: خرجت في طلب إبل لي ضلت، فما زلت في طلبها إلى أن أظلم الظلام وخفيت الطريق فسرت أطوف وأطلب الجادة فلا أجدهما فبينما أنا كذلك إذ سمعت صوتاً حسناً بعيداً وبكاء شديداً فشجاني حتى كدت أسقط عن فرسي فقلت لأطلبن الصوت ولو تلفت نفسي فما زلت أقرب إليه إلى أن هبطت وادياً فإذا راع قد ضم غنماً له إلى شجرة وهو ينشد ويترنم:
وكنت إذا ما جئت سعدى أزورها ... أرى الأرض تطوي لي ويدنو بعيدها
قال، فدنوت منه وسلمت عليه فرد السلام وقال: من الرجل؟ فقلت: منقطع به الممالك أتاك يستجير بك ويستعينك، قال: مرحباً وأهلاً انزل على الرحب والسعة فعندي وطاء وطئ وطعام غير بطيء فنزلت فنزع شملته وبسطها تحتي ثم أتاني بتمر وزبد ولبن وخبز ثم قال: اعذرني في هذا الوقت فقلت والله إن هذا لخير كثير فمال إلى فرسي فربطه وسقاه وعلفه فلما أكلت توضأت وصليت واتكأت فإني لبين النائم واليقظان إذ سمعت حس شيء وإذا بجارية قد أقبلت من كبد الوادي فضحت الشمس حسناً فوثب قائماً إليها وما زال يقبل الأرض حتى وصل إليها وجعلا يتحادثان فقلت هذا رجل عربي ولعلها حرمة له، فتناومت وما بي نوم فما زالا في أحسن حديث ولذة مع شكوى وزفرات إلا أنهما لا يهم أحدهما لصاحبه بقبيح فلما طلع الفجر عانقها وتنفسا الصعداء وبكى وبكت ثم قال لها: يا ابنة العم سألتك بالله لا تبطئي عني كما أبطأت الليلة، قالت: يا ابن العم أما علمت أني أنتظر الواشين والرقباء حتى يناموا ثم ودعته وسارت وكل واحد منهما يلتفت نحو الآخر ويبكي، فبكيت رحمة لهما وقلت في نفسي والله لا أنصرف حتى استضيفه الليلة وأنظر ما يكون من أمرهما، فلما أصبحنا قلت له: جعلني الله فداءك الأعمال بخواتيمها وقد نالني أمس تعب شديد فأحب الراحة عندك اليوم، فقال: على الرحب والسعة لو أقمت عندي بقية عمرك ما وجدتني إلا كما تحب ثم عمد إلى شاة فذبحها وقام إلى نار فأججها وشواها وقدمها إلي فأكلت وأكل معي إلا أنه أكل أكل من لا يريد الأكل، فلم أزل معه نهاري ذلك ولم أر أشفق منه على غنمه ولا ألين جانباً ولا أحلى كلاماً إلا أنه كالولهان ولم أعلمه بشيء مما رأيت فلما أقبل الليل وطأت وطائي فصليت وأعلمته أني أريد الهجوع لما مر بي من التعب بالأمس، فقال لي: نم هنيئاً، فأظهرت النوم ولم أنم فأقام ينتظرها إلى هنيهة من الليل فأبطأت عليه فلما حان وقت مجيئها قلق قلقاً شديداً وزاد عليه الأمر فبكى ثم جاء نحوي فحركني فأوهمته أني كنت نائماً فقال: يا أخي، هل رأيت الجارية التي كانت تتعهدني وجاءتني البارحة، قلت: قد رأيتها، قال: فتلك ابنة عمي وأعز الناس علي وإني لها محب ولها عاشق وهي أيضاً محبة لي أكثر من محبتي لها، وقد منعني أبوها من تزويجها لي لفقري وفاقتي وتكبر علي فصرت راعياً بسببها فكانت تزورني في كل ليلة وقد حان وقتها الذي تأتي فيه واشتغل قلبي وتحدثني نفسي أن الأسد قد افترسها، ثم أنشأ يقول:
ما بال مية لا تأتي كعادتها ... أعاقها طرب أم صدها شغل
نفسي فداؤك قد أهللت بي سقماً ... تكاد من حرة الأعضاء تنفصل
قال: ثم انطلق عني ساعة فغاب وأتى بشيء فطرحه بين يدي فإذا هي الجارية قد قتلها الأسد وأكل أعضاءها وشوه خلقتها ثم أخذ السيف وانطلق فأبطأ هنيهة وأتى ومعه رأس الأسد فطرحه ثم أنشأ يقول:
ألا أيها الليث المدل بنفسه ... هلكت لقد جريت حقاً لك الشرا
وخلفتني فرداً وقد كنت آنساً ... وقد عادت الأيام من بعدها غبرا
ثم قال: بالله يا أخي إلا ما قبلت ما أقول لك فإني أعلم أن المنية قد حضرت لا محالة فإذا أنا مت فخذ عباءتي هذه فكفني فيها وضم هذا الجسد الذي بقي منها معي، وادفناني في قبر واحد وخذ شويهاتي هذه وجعل يشير إليها فسوف تأتيك امرأة عجوز هي والدتي فاعطها عصاي هذه وثيابي وشويهاتي وقل لها مات ولدك كمداً بالحب فإنها تموت عند ذلك فادفنها إلى جانب قبرنا وعلى الدنيا مني السلام، قال: فوالله ما كان إلا قليل حتى صاح ووضع يده على صدره ومات لساعته، فقلت: والله لأصنعن له ما أوصاني به فغسلته وكفنته في عباءته وصليت عليه ودفنته ودفنت باقي جسدها إلى جانبه وبت تلك الليلة باكياً حزيناً فلما كان الصباح أقبلت امرأة عجوز وهي كالولهانة فقالت لي: هل رأيت شاباً يرعى غنماً فقلت لها: نعم، وجعلت أتلطف بها ثم حدثتها بحديثه وما كان من خبره فأخذت تصيح وتبكي وأنا ألاطفها إلى أن أقبل الليل وما زالت تبكي بحرقة إلى أن مضى من الليل برهة فقصدت نحوها فإذا هي مكبة على وجهها وليس لها نفس يصعد ولا جارحة تتحرك فحركتها فإذا هي ميتة فغسلتها وصليت عليها ودفنتها إلى جانب قبر ولدها وبت الليلة الرابعة فلما كان الفجر قمت فشددت فرسي وجمعت الغنم وسقتها فإذا أنا بصوت هاتف يقول:
كنا على ظهرها والدهر يجمعنا ... والشمل مجتمع والدار والوطن
فمزق الدهر بالتفريق ألفتنا ... وصار يجمعنا في بطنها الكفن
قال: فأخذت الغنم ومضيت إلى الحي لبني عمهم فأعطيتهم الغنم وذكرت لهم القصة فبكى عليهم أهل الحي بكاء شديداً ثم مضيت إلى أهلي وأنا متعجب مما رأيت في طريقي.
ومن ذلك... ما حكي أن زوج عزة أراد أن يحج بها فسمع كثير الخبر فقال: والله لأحجن لعلي أفوز من عزة بنظرة، قال: فبينما الناس في الطواف إذ نظر كثير لعزة وقد مضت إلى جمله فحيته ومسحت بين عينيه وقالت له: يا جمل فبادر ليلحقها ففاتته فوقف على الجمل وقال:
حيتك عزة بعد الحج وانصرفت ... فحي ويحك من حياك يا جمل
لو كنت حييتها ما كنت ذا سرف ... عندي ولا مسك الإدلاج والعمل
قال: فسمعه الفرزدق فتبسم وقال له: من تكون يرحمك الله، قال: أنا كثير عزة فمن أنت يرحمك الله. قال: أنا الفرزدق بن غالب التميمي، قال: أنت القائل:
رحلت جمالهم بكل أسيلة ... تركت فؤادي هائماً مخبولا
لو كنت أملكهم إذا لم يرحلوا ... حتى أودع قلبي المتبولا
ساروا بقلبي في الحدوج وغادروا ... جسمي يعالج زفرة وعويلا
فقال الفرزدق: نعم، فقال كثير: والله لولا إني بالبيت الحرام لأصيحن صيحة أفزع هشام عبد الملك وهو سرير ملكه، فقال الفرزدق: والله لأعرفن بذلك هشاماً ثم توادعا وافترقا، فلما وصل الفرزدق إلى دمشق دخل إلى هشام بن عبد الملك فعرفه بما اتفق له مع كثير فقال له: اكتب إليه بالحضور عندنا لنطلق عزة من زوجها ونزوجه إياها، فكتب إليه بذلك فخرج كثير يريد دمشق فلما خرج من حيه وسار قليلا رأى غراباً على بانة وهو يفلي نفسه وريشه يتساقط فاصفر لونه وارتاع من ذلك، وجد في السير ثم إنه مال ليسقي راحلته من حي بني فهد وهم زجرة الطير، فبصر به شيخ من الحي فقال: يا ابن أخي أرأيت في طريقك شيئاً فراعك؟ قال: نعم، رأيت غراباً على بانة يتفلى وينتف ريشه فقال له الشيخ: أما الغراب فإنه اغتراب والبانة بين والتفلي فرقة، فازداد كثير حزناً على حزنه لما سمع من الشيخ هذا الكلام وجد في السير إلى أن وصل إلى دمشق ودخل من أحد أبوابها فرأى الناس يصلون على جنازة فنزل وصلى معهم، فلما قضيت الصلاة صاح صائح لا إله إلا الله ما أغفلك يا كثير عن هذا اليوم، فقال: ما هذا اليوم يا سيدي؟ فقال: إن هذه عزة قد ماتت وهذه جنازتها فخر مغشياً عليه، فلما أفاق أنشأ يقول:
فما أعرف الفهدي لا در دره ... وأزجره للطير لا عز ناصره
رأيت غراباً قد علا فوق بانة ... ينتف أعلى ريشه ويطايره
فقال غراب واغتراب من النوى ... وبانة بين من حبيب تعاشره
ثم شهق شهقة فارقت روحه الدنيا ومات من ساعته ودفن مع عزة في يوم واحد.
وحكى الأصمعي: قال: بينما أنا أسير في البادية إذ مررت بحجر مكتوب عليه هذا البيت:
أيا معشر العشاق بالله خبروا ... إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
فكتبت تحته:
يداري هواه ثم يكتم سره ... ويخشع في كل الأمور ويخضع
ثم عدت في اليوم الثاني فوجدت مكتوباً تحته:
فكيف يداري والهوى قاتل الفتى ... وفي كل يوم قلبه يتقطع
فكتبت تحته:
إذا لم يجد صبراً لكتمان سره ... فليس له شيء سوى الموت أنفع
ثم عدت في اليوم الثالث فوجدت شاباً ملقى تحت ذلك الحجر ميتاً لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد كتب قبل موته:
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا ... سلامي على من كان للوصل يمنع
وحكي أيضاً عن الأصمعي رحمه الله تعالى أنه قال: بينما أنا نائم في بعض مقابر البصرة إذ رأيت جارية على قبر تندب وتقول:
بروحي فتى أوفى البرية كلها ... وأقواهم في الحب صبراً على حب
قال: فقلت لها يا جارية بم كان أوفى البرية وبم كان أقواها؟ فقالت: يا هذا، إنه ابن عمي هويني فهويته فكان إن أباح عنفوه وإن كتم لاموه فأنشد بيتي شعر وما زال يكررهما إلى أن مات والله لأندبنه حتى أصير مثله في قبر إلى جانبه فقلت لها: يا جارية فما البيتان؟ قالت:
يقولون لي إن بحت قد غرك الهوى ... وإن لم أبح بالحب قالوا تصبرا
فما لامرئ يهوى ويكتم أمره ... من الحب إلا أن يموت فيعذرا
ثم إنها شهقت شهقة فارقت روحها الدنيا رحمة الله تعالى عليها والحكايات في ذلك كثيرة، وفي الكتب مشهورة ولولا الإطالة والخوف من الملالة لجمعنا في هذا المعنى أشياء كثيرة، ولكن اقتصرنا على هذه النبذة اليسيرة والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
Admin
Admin
مدير المنتدى
نقاط التميز: 1514
مدير المنتدىنقاط التميز: 1514

ذكر عدد الرسائل : 492
العمر : 38
العمل/الترفيه : الأنترنيت كرة القدم
تاريخ التسجيل : 20/07/2008

https://startaza.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى