منتديات ستار تازا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التـوفــيـق بـيــن (تـبـيانا لكـل شيء) و (وما يعـلـم تـاويـله إلا الله )

اذهب الى الأسفل

التـوفــيـق بـيــن (تـبـيانا لكـل شيء) و (وما يعـلـم تـاويـله إلا الله ) Empty التـوفــيـق بـيــن (تـبـيانا لكـل شيء) و (وما يعـلـم تـاويـله إلا الله )

مُساهمة  Admin الإثنين أغسطس 04, 2008 6:14 pm

*** التوفيق بين (تبيانا لكل شيء) و (وما يعلم تاويله إلا الله ) ***

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء



المقصود بالمحكم والمتشابه في آيات القرآن الكريم ، وكيف ندفع الإشكال الذي يورده البعض من أنه إذا كان القرآن الكريم تبيانا لكل شيء وهدى للعالمين ، فما هو وجه التوفيق بين ذلك وبن قوله تعالى : سورة آل عمران الآية7 :« وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ »

وما المقصود بالراسخين في العلم ؟ وما الفرق بين تأويل القرآن وتفسيره ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ، وبعد :

ج : أولا : يطلق الإحكام بمعنى الإتقان ، فإحكام الكلام إتقانه ووضوح معناه فيتميز به الصدق من الكذب في الأخبار ، والرشد من الغي في الأوامر ، والقرآن كله محكم بهذا المعنى ، واضح لا التباس فيه على أحد ، قال الله تعالى : سورة هود « كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ»

وقال سبحانه : سورة لقمان« تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ »

ثانيا : التشابه في الكلام يطلق على تماثله وتناسبه ، بمعنى أنه يصدق بعضه بعضا في أوامره ، فلا يأمر بشيء في موضع وينهى عنه في موضع آخر ، ويصدق بعضه بعضا في أخباره فإذا أخبر بثبوت شيء في موضع لم يخـبر بنفيه في موضع آخر ، والقرآن كله متشابه بهذا المعنى فلا تناقض فيه ولا اضطراب ، قال الله تعالى :

سورة النساء « أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا » ، وقال تعالى : سورة الزمر الآية 23: « اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ »

والتشابه بهذا المعنى لا ينافي الإحكام بالمعنى العام ، بل يصدق كل منهما الآخر ولا يتناقضان .

ثالثا : التشابه بالمعنى الخاص هو مشابهة الشيء غيره من وجه ومخالفته له من وجه ، وفي القرآن آيات متشابهات بهذا المعنى ، تحتمل دلالتها على ما يوافق الآيات المحكمة وتحتمل الدلالة على ما يخالفها فيلتبس المقصود منها على كثير من الناس ، ومن رد المتشابهات بهذا المعنى الخاص إلى الآيات المحكمات الواضحات بنفسها تبين له المقصود من المتشابهات وتعين له وجه الصواب ، ومن وقف من العلماء عند الآيات المتشابهات ولم يرجع بها إلى المحكمات الواضحات ارتكس في الباطل وضل عن سواء السبيل ، كالنصارى في احتجاجهم على أن عيسى ابن الله ، بقول الله تعالى فيه إنه كلمة ألقاها إلى مريم وروح منه ، وتركهم الرجوع إلى قوله تعالى في عيسى عليه السلام : سورة الزخرف الآية 59« إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ »،

وقوله : سورة آل عمران الآية 59 « إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ »،

وقوله سبحانه : سورة الإخلاص : « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ - لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ - وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ».

وقد دل على هذا النوع من التشابه الخاص ، والإحكام الخاص ، وبين اختلاف الناس في موقفهم منه قوله تعالى : سورة آل عمران الآية 7 :« هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ »

وبهذا يعلم أن القرآن تبيان لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ، ويتبين التوفيق بين النصوص ، وأن الراسخين في العلم هم الذين يبتغون الحق فيرجعون بالمتشابه من الآيات المحكمات ، تحكيما لها فيزول الالتباس فيما تشابه من الآيات بالمعنى الخاص ويتعين المقصود منها ، بخلاف من في قلوبهم شك وزيغ فهم الذين يركبون رءوسهم ويتبعون أهواءهم فيقصدون إلى المتشابه من النصوص دون رجوع به إلى المحكم ابتغاء الفتنة ورغبة في التلبيس على الناس وإضلالهم عن سواء السبيل .

أما الفرق بن تأويل القرآن وتفسيره ، فتأويله : قد يراد به تفسيره بكلام يشرحه ويوضح المقصود منه ، ولو برده إلى المحكم منه ، وعلى هذا يصح الوقف على كلمة العلم في قوله تعالى : سورة آل عمران الآية 7 « وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » ، فإن الراسخين في العلم يعلمون معنى المتشابه من آيات القرآن والمقصود منها برده إلى المحكـم من الآيات ويفسرونها ويبينون معناها فتكون الواو في قوله :

تعالى : سورة آل عمران الآية 7 :{ « و«َ الرَّاسِخُونَ } :عاطفة على لفظ الجلالة ، وقد يراد بتأويل القرآن حقيقته ومآله والواقع الذي يئول إليه الكلام كما في قوله تعالى : سورة الأعراف الآية 53 : « هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ »

وكما ذكر تعالى في قصة يوسف - لما سجد له أبواه وإخوته - عن يوسف عليه السلام أنه قال : سورة يوسف الآية 100: « يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ» فجعل عين ما وجد في الخارج تأويل رؤياه أي مآلها وحقيقتها التي وقعت ، ومن ذلك كيفيات الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه كالاستواء في قوله تعالى : سورة طه الآية 5 الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وكمجيئه يوم القيامة والملائكة صفا صفا ، قال الله تعالى : سورة الفجر الآية 22 وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ، فكل من معنى الاستواء والمجيء معلوم للراسخين في العلم ، أما كيفية ذلك فلا يعلمها إلا الله وحده .

وعلى هذا يكون الوقوف على لفظ الجلالة في قوله سبحانه : سورة آل عمران الآية 7 « وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ » وكل من القولين في الوقف صحيح ؛ لأن كلا منهما مبني على اعتبار معنى في بيان التأويل صحيح .

ومما يمثل به للتأويل بمعنى بيان المآل والحقيقة ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي » (1)

يتأول القرآن . ، تعنى قوله تعالى : سورة النصر الآية 3 : « فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ » ، فالتأويل في كلامها بمعنى المآل والحقيقة التي آل إليها الكلام .

وقد يراد بتأويل القرآن ونحوه من النصوص الشرعية صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به وهذا اصطلاح كثير ممن تكلم في الفقه وأصوله ، وهو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات ، وقد نقد شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك في آخر القاعدة الخامسة من كتاب التدمرية فليرجع إليه من أراد التوسع في الموضوع .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

فتوى رقم 11627

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضـو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز

1- صحيح البخاري الأذان (784) ، صحيح مسلم الصلاة (484) ، سنن النسائي التطبيق (1122) ، سنن أبو داود الصلاة (877) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (889) ، مسند أحمد بن حنبل (6/43).
Admin
Admin
مدير المنتدى
نقاط التميز: 1514
مدير المنتدىنقاط التميز: 1514

ذكر عدد الرسائل : 492
العمر : 38
العمل/الترفيه : الأنترنيت كرة القدم
تاريخ التسجيل : 20/07/2008

https://startaza.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى